فوائد عشبة الطيون


على مساحات تلال بلادنا الخضراء ستحار عيون الناظر وتغوص في ظلال ما أبدعته الطبيعة.‏
وعلى طرقاتها المعرجة والضيقة تتسع النسمات حاملة ألطف الأطياب تتزاحم في نشر أنواعها يصعب تمييز عطر هذه عن عطر تلك ومواسم تأتي بعد مواسم بتوازن طبيعي بيئي خلاب.‏‏‏


فهذا هو الطيون لا يستطيع أن يخفي نسائمه العطرة حتى أواخر الصيف تجده يتأهب ليشارك الخريف صفرته فيقدم للطبيعة رزمة عنقودية من الأزهار الصفراء الفاتحة اللون تليها ثمرة شفافة لاتلبث أن تنفصل عن أمها قبل أن تسلم نفسها للشتاء ورياحه.‏‏‏

صفاته وإطلالته‏‏‏
تعبق صباحات بلادنا بالطيون في معظم الهضاب والمناطق الجبلية الرطبة وتراه مرصوفا على جوانب الطرقات في المرتفعات الساحلية كما أن عشبة الطيون لا يتكبر عن الأرض الجرداء فهو يستوطن وينمو بين تشققات الصخور وفي فجوات الجلول.‏‏‏

والطيون هو أحد نباتات العائلة المركبة، أزهاره صفراء على شكل نوارات وبذوره كثيرة تنتشر إلى مسافات بعيدة بواسطة الرياح أوراقه كثيرة الشعيرات وذات ملمس غروي لزج رائحتها حادة وقوية.‏‏‏


لوحة طبيعية‏‏‏
  ان  نبتة الطيون  وحسب ما أفادنا به العاملون في مديرية الانتاج الحراجي تعرف لدى العوام بالطيون وتنمو باستقامة فوق الأرض بينما تتشعب أغصانها على جوانبها ويشتد عودها بفعل السنوات لتصبح قاعدتها خشبية وعلى ساقها الأساسية تنمو أوراق بشعيرات تحمل في رأسها غددا تفرز المادة العطرة واللاصقة معاً ولهذا يطلق عليها علمياً Viscosa أي اللاصقة.

يتراوح ارتفاع نبتة الطيون  ما بين 50-100 سم وتنتج الشجيرة الواحدة حوالي 50000 بذرة وهي منتشرة بكثرة في الساحل السوري وعلى جوانب الطرقات كما أنها متواجدة في البادية ومناطق مختلفة.

ورغم أن نبتة الطيون  على المستوى الشعبي لها أهميتها في بعض الأمور الطبية إلا أنها على المستوى الحقلي والعلمي لا تلقى لدينا الكثير من الاهتمام.


في الطب الشعبي‏‏‏
للطيون استخدامات طبية معروفة في الطب الشعبي وتكمن الفائدة في أوراقه وجذوره، كما أن عصارته تحوي مواد كثيرة فهو يستخدم للحد من البدانة ومعالجة المسالك البولية وعندما تغلى ثماره وأزهاره المجففة تعطى لفتح المجاري التنفسية وتغلى جذور الطيون وتوضع الأقدام على مكان تصاعد بخاره لعلاج أمراض الروماتيزم كما يستخدم مغلي جذوره لعلاج أمراض البروستات.‏‏‏

مطهر للجروح‏‏‏
أكثر الاستعمالات الشعبية لنبتة الطيون في المناطق الساحلية لتقطيع الدم النازف من الجروح وهو سريع الفاعلية بحيث يمكنه قطع النزف حتى الأوردة أحيانا, ويتم ذلك بدق كمية من أجزاء النبات الخضرية وتوضع فوق الجرح وتضغط حتى ينقطع النزف، وإذا كان الجرح غائراً يمكن ربطها فوقه لليوم التالي والجرح الذي يعالج بالطيون لا يحتاج لغيره, ويقال إن الورقة يجب أن تجفف داخل البيت لعدة أيام وآخرون قالوا: إنه يمكن استخدام الأوراق الجديدة للطيون بوضعها مباشرة فوق الجروح وهي بمثابة مادة مطهرة ومخثرة.‏‏‏

وللأورام والكدمات‏‏‏
في الكتب القديمة يصنف الطيون أحد النباتات الطبية الهامة وذكر أن الفروع المزهرة تستعمل لالتهاب القصبات الهوائية والسل وفقر الدم ولجميع أمراض النظام البولي.‏‏‏
ويغلى الطيون في الزيت ويستعمل على الكدمات والأورام.‏‏‏
وذكر المؤرخ والكاتب الروماني Pilimius أن نبات الطيون يقوي الأسنان عندما يستعمل ضد السعال وأن عصير جذوره يطرد الديدان، والمجفف منه يستخدم لتشجنات المعدة وضد غازاتها ومفيد لشفاء عضات الحيوانات السامة.‏‏‏
وفي كتاب «الملك سليمان أمثال» ذكر أنه علاج للجروح وأمراض البطن ويقال إن القرويين الفلسطينيين يدعون الطيون «أيوب» لأنه ساعد النبي أيوب على علاج آلامه، ويعتبرونه يشفي من 40 مرضاً.


لآلام المفاصل وضغط الدم‏‏‏
ورغم ما أدركه العوام والقدامى من فاعلية هذا النبات في وقف النزوف وتعقيم الجروح فقد استخدموه لتخفيف مرض السكر وضغط الدم حيث صنفه العرب كأحد أفضل الأعشاب الخمسة لمعالجة ضغط الدم وذلك بوضع خمس أوراق طرية لمدة ثلاث دقائق في كأس الشاي وشربها.‏‏‏
أما الاستحمام بمغلي الطيون فهو علاج لألم المفاصل والتهاباتها ويمكن أن يضاف 200غ من الأوراق المغلية إلى ماء الحمام الدافىء ويبقى المريض لمدة30 دقيقة فهو علاج نافع لالتهاب المفاصل.

أواخر الربيع وأوائل الصيف‏‏‏
في هذه الأوقات من السنة يبدأ الفلاحون بإستنبات بذور الطيون في بيوت زجاجية ثم ينقل إلى الطبيعة بعد أن اكتشفوا أن زهوره التي تظهر في الخريف نوارات صفراء يلاحقها النحل بكثافة في فصل تقل فيه الزهوراللازمة للنحل وإنتاج العسل.‏‏‏
يقتل الحشرات الضارة‏‏‏ ويحد من التلوث‏‏‏ وفي مجال آخر اكتشف المزارعون فوائد الطيون لتفادي جفاف الفاكهة وخاصة تعفن العنب.. حيث يضعون الثمار على تخت مصنوع من أوراق وأغصان الطيون.‏‏‏

وتبين الأبحاث الزراعية أن عشبة الطيون تحتوي مواد مطهرة طبيعية وطاردة للحشرات التي تصيب الثمار بالتلف وهي غير مضرة بصحة الانسان.‏‏‏

ويقوم المزارعون باستخلاص عصارة العشبة بنقعها في الماء الساخن أو غليها ثم رشها على الأشجار المتنوعة« التفاح، المشمش. العنب» وقد أظهرت الفحوص المخبرية لمستخلصات أجزاء الطيون«أوراق وساق» أنه يمكن استعمال مستخلص الطيون لإعاقة تلف المنتوجات الزراعية الطازجة والجافة وذلك كبديل للكيماويات السامة المستعملة اليوم لرش الأشجار.. وأيضاً الفطريات التي تهاجم البذور المخزنة مثل الفستق وبذور عباد الشمس حيث أعاقت بشكل كبير نمو هذه الفطريات والأمراض.‏‏‏

وتوصل الباحثون أنه يمكن الاستفادةمن صفات هذه العشبة في الزراعة العضوية بدلاً من المبيدات الكيماوية السامة للتخلص من بعض الأمراض التي تصيب النباتات والبذور.‏‏‏

وهي بالنهاية أفضل بكثير من الادوية الكيماوية المضرة بصحةالانسان، ولا تكلف المزارعين شيئاً سوى قطفها وغليها.‏‏‏
ومن باب التذكير: الطيون يدخل الآن إلى جميع المختبرات الزراعية العالمية للاستفادة من خواصه الطبيعية كبديل عن الكيماويات في حين مازال في نظر المهندسين والباحثين لدينا مجرد نبات عشبي ذي رائحةكافورية يتوزع في الجبال والسهول والجرود، وهي الخواص التي اكتشفها الانسان العادي في جبالنا الساحلية قبل عشرات السنين.‏‏‏

جديد قسم : الطب البديل