تعبئة المياه
الوقاية خير من العلاج
تشكل المياه المعبّأة قيمة مضافة يدفع المواطن ثمن حصوله عليها بأعلى نوعية تؤمنها الدولة، ولكن في لبنان تحوّلت إلى بديل عنها، فلا يكفي الاطمئنان إلى سلامة المياه المعبّأة لمجرد قراءتنا على العبوة أنه مرخص لها من وزارة الصحة، لان البعض منهم يعمدون إلى تزوير معايير المياه، أو حتى فحصها دورياً والنتيجة الكثير من الميكروبات التي تنمو على أطراف الفلترات ما لم تؤمّن لها الصيانة .

المستمرة، وما يضاعف تفشي الجراثيم هو عملية التنظيف التي تخضع لها الغالونات لإعادة التعبئة والتي غالباً ما تفتقر إلى أساليب التعقيم الحديثة. "دكاكين" متنقلة
أصبح مشهد الصهاريج التي تنقل المياه في شوارع المدن والقرى على حد سواء عادياً، فيما يتكاثر كـ"الفطر" عدد شركات تعبئة المياه في الأحياء، حتى وصلت إلى درجة أنه بإمكان أي صاحب بئر ارتوازي القول إنه يكرر مياه بئره، لبيعها لاحقاً إلى الأهالي، وتعلم وزارة الصحة بوجود ما يقارب ألف شركة في لبنان تبيع مياها وتزعم أنها صالحة للشرب، ولكنها لا تملك تراخيصاً من الوزارة، ويمكن أن تكون تلك المياه من الآبار الارتوازية، أو مختلطة بمياه المجاري الصحية، أو بمواد كيميائية، وبما أنها غير مرخصّة، فإن أصحابها يكررون المياه ويبيعونها على هواهم، من دون وجود أي رقابة.
الاسباب التي تزيد من تفشي هذه الظاهرة عديدة ومتنوعة، نظراً إلى المصاعب التي قد يواجهها الأهالي في حصولهم على الكمية اللازمة من مياه الشرب، فيلجأون إلى المياه المعبّأة على الرغم من أنها تعاني فوضى وسوء تنظيم إلى حدّ الفلتان مع العلم أن المرسوم الاشتراعي رقم 108 والصادر في 16 ايلول 1983، ينظّم عملية استثمار المياه والمرطّبات المعبّأة في أوعية.


مراقبة خجولة
60 في المئة من الامراض المعوية ناتجة عن تلوث المياه خصوصاً في فصل الصيف، وفي هذا السياق تحدثت الاختصاصية في البيئة الدكتورة مي جردي، مشيرة الى أن "الرقابة خجولة على عبوات البلاستيك التي تحوي المياه المعبأة وطرق نقلها تحت اشعة الشمس، ولا احد يعرف مصدر المياه وأي نوع من الفليتر يوضع وأي مواصفات علمية متبعة، وهنا لا بد من الإشارة إلى أنّ بعض أنواع البلاستيك لا تصلح للتعبئة وقد تؤثر في جودة المياه، لذا نحن بصدد متابعة القضية والتأكد من انعكاس نقل المياه في ظروف مناخية حارة".
واشارت الى أنه "على وزارتي الصحة و الاقتصاد التحرك لاجراء اللازم في ظل ازدياد الدكاكين التي يقدرعددها بنحو 1200 تعمل من دون رقابة"، لافتة الى أنه "في الماضي حاولت وزارة الصحة اعادة فتح الملف وكانت النتيجة راوح مكانك".


قانون على الورق


تتتفق مجموعة من المراقبين على أن ما يزيد "الطين بلّة" هو التعدي المستمر على قانون تنظيم استثمار المياه المعبّأة وما تشهده من مضاربات، فالمادة الأولى في الباب الأوّل من المرسوم الاشتراعي 108 تنصّ على أنّ على كل من يودّ القيام بتعبئة مياه للشرب أو مرطّبات في زجاجات أو أوعية خاصة بقصد بيعها للعموم، عليه أن يستحصل على إجازة تعطى بمرسوم يتخذ بناء على اقتراح وزير الصحّة، ولكنّ المؤسسات التي استحصلت قانونياً على رخصة لا يتجاوز عددها 25 مؤسسة، بينما ثمة ما بين 500 و700 دكانة مخالفة لا تستوفي الشروط اللازمة.
أمّا فيما لو أراد أحدهم بيع المياه المعبأة على نحو قانوني، فلا بد من العودة المفصّلة إلى الباب الرابع تحت عنوان "الإجازة والترخيص"، ولكن بصورة عامة، على كل من يتقدم بطلب الحصول على رخصة أن يظهر تملكه أو حقه باستثمار مصدر للمياه، أي بئر أو نبع، إلى جانب مجموعة من المستندات والخرائط، وبعد التأكّد من أن المياه تستوفي الشروط الأساسية كاملة، أي خلوّها من كل أنواع الجراثيم، تحيل وزارة الصحة نسخة من الطلب إلى وزارة الطاقة والمياه، وبعد التدقيق في مستندات الطلب، يُرفع الملف إلى وزير الصحة، وفي مرحلة لاحقة يتابع المجاز له تعبئة الماء للحصول على ترخيص بالتفاصيل الأخرى، منها خرائط المنشآت والأبنية المنوي القيام بها للتعبئة، المعدّات، الآلات المستعملة للجر والتعبئة وأنواعها، أما عن الكلفة المادية للرخصة، لا تتجاوز تكاليف الفحوص المخبرية التي تراوح بين 800 ألف أو مليون ل.ل. والمصاريف التي تستلزمها أوراق الملف تقول المادة السابعة من الفصل الثاني بوجوب أن تحمل اللصقات العائدة للمياه المعبّأة التسمية التجارية المرخَّص بها، التسمية الرسمية، اسم موقع مصدر الماء، رقم وتاريخ مرسوم الإجازة، اسم الشخص الحقيقي أو المرخَّص له، إلا أنّ معظم المحالّ غير المرخّص لها غالباً ما تعمد إلى بيع مياه الدولة، والغريب في الأمر أنّ معظم أصحاب هذه المحالّ يبيعون المياه على أساس أنّ مصلحة المياه لا تؤمّنها، ولكن، في حقيقة الأمر، إنّ أكثرية أصحاب هذه الدكاكين يعيدون بيع ما توفره مصلحة المياه الرسمية مدّعين تكريرها، الا أنهم في الحقيقة يلوّثونها.


نشرب مياها" ملوثة


في هذا السياق توقف رئيس جمعية "طبيعة بلا حدود" المهندس محمود الاحمدية امام حادثة واقعية جرت امامه قائلا: "منذ مدة جاءنا مندوب شركة عالمية متخصصة في فحص المياه في البيوت وذلك لامتحان نسبة التلوث فيها وكانت المفاجأة المرعبة بكل المقاييس بعد عملية الفحص التقنية اصبح لون المياه احمراً غامقاً والصدأ يملؤها والبكتيريا تراها بأم العين والرقم الهيدروجيني وصل الى 58 بينما يجب الا يتجاوز 7 بما يسمى (بي أش) انها مأساة حقيقية".
و ابرز ما توقف عنده الاحمدية: "اننا نشرب مياها ملوثة بكل ما للكلمة من معنى استنادا الى تقارير منظمة الصحة العالمية فان %80 من الامراض التي تصيب الانسان تنتج عن تلوث المياه بالكائنات المجهرية المسببة للامراض، و لهذا لابد من التوعية حول جودة المياه لكي تصبح صالحة للشرب ضمن معايير علمية الا وهي بالملغ/ليتر هي : الزرنيخ 0,05 الكاديوم 0,005 الكلوريد 250 الكربون 0,05 النحاس 1 السيانيد 0,1 الفلور 1,5 الحديد 0,3 الرصاص 0,05 المانغنيز 0,1 الزئبق 0,001 النيترات 10 السيلينيوم 0,01 الكبريتات 400 الخارصين 5 بكتيريا صفر، عكس ما هو في الواقع الحالي المؤلم والذي اصبح لا يحمل هذه المواصفات من جراء موضة في الكثير من احياء العاصمة ان يشتري الناس من "بائعي الغالونات" الذين يمرون على البيوت وبأسعار لا توازي ربع سعر الغالونات التي تبيعها الشركات بشكل رسمي، حتى هذه الاخيرة يزيد عددها على 800 شركة منها 13 شركة فقط لا غير مرخص لها، أما الباقي "فهات ايدك والحقني، انها مافيا حقيقية تعبث بحياة الناس وهذا كلام مسؤول وموثق وليس عبثيّاً, لأن بيع المياه من دون سقف الترخيص الرسمي جريمة حقيقية بحق الناس والمسؤولية مزدوجة تطال الوزارة المعنية والشركات المنتجة للغالونات المعبأة كون بائعين الغالونات من مختلف الاحجام يطرقون ابواب الناس ولا من رادع ولا من حسيب.من هنا نتوجه بكل جديّة الى الوزارات المعنية بضبط هذه المسألة التي تعدت كل المقاييس من حيث الفوضى وان تمنع مطلق اي شركة من بيع المياه من دون ترخيص وندعو المستهلكين الى الحذر الشديد من المياه المعبأة التي يشترونها

جديد قسم : نصائح طبية

إرسال تعليق